تسجيل المواقع التراثية- رؤية السعودية 2030 لحماية التراث العمراني واستثماره.

المؤلف: خالد السليمان10.27.2025
تسجيل المواقع التراثية- رؤية السعودية 2030 لحماية التراث العمراني واستثماره.

أعلنت هيئة التراث عن إضافة رائعة إلى السجل الوطني للتراث العمراني، حيث تم تسجيل 13,040 موقعاً تراثياً عمرانياً جديداً، ليرتفع بذلك العدد الإجمالي للمواقع المسجلة في ربوع المملكة إلى 17,495 موقعاً متميزاً! هذا الإنجاز يعكس الاهتمام المتزايد بصون كنوزنا التاريخية والحفاظ على هويتنا الثقافية.

لا يسعنا إلا أن نتساءل بحسرة: كم كان يمكن أن يرتفع هذا الرقم لو تمكنا من تلافي الإهمال والتخريب الذي طال العديد من المواقع، ولو ترسخت ثقافة راسخة للعناية بالتراث العمراني في كافة أرجاء الوطن؟ فالخسائر التي تكبدناها جراء التقصير لا تقدر بثمن.

إن الأمم التي تعتز بتاريخها تجد في المواقع العمرانية التراثية كنوزاً لا تنضب، ومصدراً للرخاء والازدهار. فمن خلال الاستثمار الذكي في ترميم هذه المواقع وتحويلها إلى وجهات سياحية جاذبة، يمكن تحقيق عوائد اقتصادية مجزية. والدرعية خير مثال على ذلك، حيث تحولت أزقتها العتيقة إلى مركز نابض بالحياة، يضم أرقى المطاعم والمقاهي والمتاجر التي تمزج بين عبق الماضي وسحر الحاضر، مما جعلها مقصداً مفضلاً لسكان الرياض وزوارها على حد سواء!

في جنوب الرياض، ما زلت أتذكر الأحياء الطينية التي تركت لتقارع الزمن، فتهدمت أجزاء منها، وتحولت المساكن الصالحة إلى مأوى للعمالة الوافدة. إن إعادة الاعتبار لهذه الأحياء وتحويلها إلى متاحف تراثية ومراكز ثقافية نابضة بالحياة سيحيي تاريخها العريق، ويضفي عليها قيمة اجتماعية وترفيهية وسياحية واقتصادية لا تقدر بثمن.

وخير شاهد على ذلك، ما نشاهده اليوم من نهضة عمرانية في العديد من المحافظات والبلدات الريفية، حيث أصبحت المواقع والأحياء التراثية من أهم عوامل الجذب السياحي والازدهار الاقتصادي، فضلاً عن القيمة التاريخية التي تضاف إلى رصيد المملكة الحضاري، وتنوع تراثها المعماري الفريد.

ختاماً، إن تدارك أهمية التراث العمراني والاستثمار فيه خير من فقدان ما تبقى منه، والفضل في ذلك يعود إلى رؤية المملكة 2030 الطموحة، التي أولت اهتماماً خاصاً بالتراث، إدراكاً لقيمته التاريخية والاقتصادية والاجتماعية، وأهميته في تعزيز الهوية الوطنية والتنمية المستدامة.

سياسة الخصوصية

© 2025 جميع الحقوق محفوظة